أولى محطات رحلة المجد.. الدرعية أرض التأسيس.

الدرعية، تلك الأرض الطيبة التي تحتضن تاريخ المملكة العربية السعودية، تُعدّ أولى محطات رحلة المجد التي شهدت ولادة الدولة السعودية الأولى. لا تقتصر أهمية هذه المنطقة على كونها مجرد مدينة تاريخية، بل هي مركزًا سياسيًا وثقافيًا أضاء سماء الوطن، حيث انطلقت منها أولى بذور الوحدة والتأسيس التي ستعبر عبر العصور وتبني ما نعرفه اليوم كأحد أقوى الدول في المنطقة.
موقع الدرعية التاريخي
تقع الدرعية في شمال غرب مدينة الرياض، وتتميز بموقع استراتيجي جعلها نقطة التقاء للقوافل التجارية بين نجد والحجاز. ومع مرور الزمن، تحولت هذه المنطقة إلى مركز إشعاع حضاري، حيث أصبحت مركزًا سياسيًا ودينيًا مهمًا تحت قيادة الإمام محمد بن سعود، الذي تأسست على يديه الدولة السعودية الأولى في عام 1744م.
الدرعية مهد الدولة السعودية الأولى
تأسست الدولة السعودية الأولى في الدرعية عندما اتحد الإمام محمد بن سعود مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، مؤسس الدعوة الإصلاحية التي سعت لإحياء التوحيد ومحاربة البدع. هذا التحالف الذي جمع بين القوة السياسية والتوجه الديني أسس لتوحيد أراضي نجد تحت راية واحدة، معلنًا عن بداية عصر جديد في تاريخ الجزيرة العربية.
وفي هذه الأرض الطيبة، وُلدت العديد من المواقف البطولية التي شكلت جزءًا من هوية المملكة. وعلى الرغم من سقوط الدرعية في عام 1818م على يد الجيش العثماني بقيادة إبراهيم باشا، إلا أن تاريخها الخالد ما زال يعيش في ذاكرة الوطن، حيث تُعتبر الدرعية رمزًا للاستقلال والعزة.
الدرعية اليوم: وجهة تاريخية وسياحية
اليوم، تعد الدرعية واحدة من أبرز المعالم السياحية في المملكة، خاصةً بعد أن تم إدراج حي الطريف، الذي يُعدّ أبرز معالم الدرعية القديمة، في قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2010م. يُمكن للزوار استكشاف العديد من المعالم التاريخية مثل قصر سلوى، والقلعة التي كانت شاهدة على الكثير من أحداث تاريخية هامة. كما أن مشاريع تطوير المنطقة، مثل "مشروع بوابة الدرعية"، تهدف إلى إعادة الحياة لهذه المنطقة التاريخية وتعزيز مكانتها كوجهة سياحية وثقافية عالمية.
الدرعية كمصدر إلهام للوطن
لقد شكلت الدرعية بداية انطلاق رحلة المجد في تاريخ المملكة، فهي كانت المهد الذي انطلقت منه المسيرة نحو بناء وطن موحد ومزدهر. إن تاريخ الدرعية لا يقتصر على الأحداث السياسية فقط، بل يشمل أيضًا قيمة الوحدة والتضحية والولاء للقيادة. ومع مرور الزمن، ظلت الدرعية نموذجًا يُحتذى به في الولاء للدين والوطن.
خاتمة
الدرعية، أرض التأسيس، هي أكثر من مجرد مدينة تاريخية؛ هي رمز للهوية الوطنية، ولرحلة المملكة التي بدأت من هنا، ومن ثم انتشرت لتشمل سائر أرجاء الوطن. في كل زاوية من زواياها، يمكن للزائر أن يشعر بعراقة الماضي وأصالة التاريخ، ليظل هذا المكان الحافل بالمجد شاهدًا حيًا على بداية دولةٍ عظيمة، كانت وما تزال محط فخر واعتزاز لكل سعودي.