"وثيقة وقف نجدية" تعكس واقع الحياة الإدارية للدولة السعودية قبل أكثر من 200 عام.

أتاحت دارة الملك عبدالعزيز ضمن مبادرتها "وثائق الدارة"، وثيقة وقف نجدية لسليمان بن عبدالله بن عثمان، كُتبت في سنة 1244هـ إبان عصر الدولة السعودية الثانية، وقبل وفاة الإمام تركي بن عبدالله بخمس سنوات، في مرحلة اتسمت بالاستقرار السياسي، وازدهار الحياة العامة، وهو ما جعلها تعكس حالة نادرة من التنظيم والموثوقية.
وتكتسب هذه الوثيقة قيمة في أهميتها، كونها صادرة قبل أكثر من 200 عام، في وقت شهد فيه إقليم نجد حالة من التوحد السياسي، والولاء للإمام تركي، وانتشار الأمن بين الحاضرة والبادية، ما يُبرز أبعادًا تنموية واجتماعية تشكّلت تحت مظلة الوقف، أحد أعمدة البناء المجتمعي في تلك المرحلة.
وتأتي هذه الوثيقة، ضمن "بحوث مجلة الدارة"، ونُشر عنها في العدد الرابع (شهر شوال عام 1424هـ)، لتجسّد إتاحتها أهداف المبادرة التي تسعى إلى إتاحة الوثائق التاريخية القيّمة المؤرشفة، والمُرقمنة، عبر بوابة بحثية متكاملة، تُسهّل الوصول إليها، وتدعم تمكين الباحثين والمهتمين من الوصول المباشر إلى مصادر أصيلة تعزز الوعي بالتاريخ الوطني، وتُسهم في صناعة محتوى ثقافي ومعرفي موثوق.
ويبرز من خلال تحليل الوثيقة أوجه التمكين القانوني والاجتماعي في ثقافة الأوقاف النجدية، مما يؤكد ازدهار هذا النظام وعمقه المؤسسي المبكر، ويُشير إلى وعي المجتمع بأهمية التوثيق لضمان الحقوق.
ويُعد كاتب الوثيقة، الشيخ سليمان بن عبدالله بن عثمان، أحد العلماء الموثوقين في تلك المرحلة، وقد أظهر من خلال نص الوقف دقته في الصياغة، وإحاطته بالأحكام الشرعية والإدارية التي تُعزِّز قيمة الوثيقة، وتُرسِّخ ثقافة التوثيق الوقفي في سياق الدولة السعودية الثانية.
وتسعى مبادرة "وثائق الدارة" لجعل الوثيقة التاريخية متاحة بصورة منظّمة ضمن سياقها العلمي الكامل، ومهيّأة للبحث والدراسة، وتفعيل الذاكرة الوطنية، والوصول إلى مصادرها الأصلية عبر بوابة رقمية متخصصة، تدعم الباحثين والمهتمين في استخداماتها الأكاديمية والمعرفية؛ لكونها مصدرًا أصيلًا يُستند إليه في قراءة التاريخ وتفسيره.